الخطبة الأولى:
أما بعد:
فيا معاشر المسلمين: نرى آلام أمتنا، ونسمع قصف إبادتهم، تبكينا مآسي إخوتنا، ونعجز عن نصرة استغاثتهم.
كل يومٍ لنا مذبحة يحصد فيها الأبطال، وكل حينٍ تقذف مصانعهم قنبلة لتنسف أشلاء الأطفال.
مجزرة "قانا" لم تكن الأولى، وقد لا تكون الأخيرة.
دماء عراقنا الجريح لن تحرر أرض الرافدين، حتى يوقظ كلٌ منا ضميره، سقطت كابول ثم بغداد، وتضرب القدس ولبنان، وتهدد دمشق والسودان، وإذا لم نستيقظ سيعرف كلٌ منا مصيره.
الأرض ناحت والخطوب جسام *** لكننا بين الأنام نيام
في محنة بسطت سحائب بؤسها *** بكت العراق لهولها والشام
النيل يزأر والفرات مضرَّج *** وضفاف كابل لفها الإجرام
والليل يعوي والزوابع لا تعي *** والقدس في وضح النهار تسام
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) [الأنفال: 72- 73].
إننا بحاجة أن نتأمل دروس النصر، وأن نستبصر منهج الله -تعالى- في التغيير.
إننا في أمس الحاجة أن نتدارس واقعنا المؤلم لنصنع منه الفجر، على ضوء شريعة الله القوي القدير.
لست بحاجة أن أدبج خطبة كلامية مبناها توقعات وظنون، بل نحن في غنى أن نسلك طريقًا يرشدنا له عدوٌ كافر ويقودنا إليه حائرٌ مفتون.
إن ما بين أيدينا مما لا يختلف فيه مسلمان هو طريقنا للعزة، وهي خارطة طريقنا لتحرير القدس، وحفظ دماء إخواننا في غزة.
هاهي بين أيديكم -إخوتاه – تعاليم النصر، نتربى في ظلالها مع كل صلاة.
أما لو فقهنا مقاصد ما أمرنا الله بالاجتماع عليه لشفى الله غيظ قلوبنا من كل البغاة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ * وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 45- 46].
إن دروس التمكين تخطها لنا تربية الله لهذه الأمة فيما شرعه سبحانه علينا ليتكرر، لنجتمع عليه، ونتآخى فيه، ويثبت في قلوبنا ويتقرر.
إنها معاني القوة في صلوات النصر.
حديثها ليس بالجديد عليكم، لكنا بحاجة أن نفهم معانيها، وأن نرتسم مقاصدها، وأن نسبر أغوارها، لنكون كما قال الله: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحـج: 41].
وأول ما نتلمس مقاصده:
1- صلاة الجماعة: فيها اجتماع أهل الحي في أوقات اليوم الخمسة، يتفقدون جائعهم، ويعرفون فقيرهم وعائلهم، ويفتقدون مريضهم، ويذكرون غافلهم، أو يعلمون جاهلهم.
إنها معاني المودة لصنع حصن الوحدة، فتلمسوا هذه المعاني فإنها طريق النصر، وفي البخاري يقول القائد الأعلى: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟".
وفي سنن النسائي يقول صانع عز المسلمين: "إنما تنصر هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم".
معاشر الموحدين: لا تختلفوا في صلاتكم فتختلف قلوبكم، ولا تذروا بينكم فرجات للشيطان.
إن الشيطان ذئب للإنسان كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصية، والناحية، وإياكم والشعاب، وعليكم بالجماعة، والعامة" هكذا قال عليه الصلاة والسلام.
وقد بينها لنا: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية".
فأين شبابنا فقدوا في صلوات الجماعة، وكيف يستشعر رجالاتنا هذه المقاصد الكريمة إن لم يتربوا في مساجد الجماعة؟!
إخوة الإسلام: هدي محمد الكريم فيه: ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين خلف الإمام.
فاستشعروا هذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسوي الصف حتى يجعله مثل الرمح.
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسوي صفوف الجهاد كما كان يصف صفوف الصلاة.
فاستشعر -أخي المسلم- إذا وقفت في صلاتك: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ) [الصف: 4].
وفي اجتماعنا الأسبوعي:
2- لصلاة الجمعة: وما أدراكم ما صلاة الجمعة، منبر المسلمين فيه تتوحد الوجهة والاتجاهات، ويسمع منهج الله بين ركام كثرة الأهواء والضلالات، أنى لنا أن نتجتمع لنقوى، ونقوى لننتصر، ولكل منا وجهة هو موليها؟
إن مصدر تلقينا لمشروع النصر القادم يجب إن يكون منبع نصرنا الأول، تكفينا تحليلات، وإذاعات، وقنوات، كثرت السبل، وتعددت الدعاوى والمنهج واضح: "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله، وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض".
(وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء: 83].
هذه منابرنا منها توجهنا، ولها تناصرنا، وفيها مبادئنا، ومنها هدايتنا: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) [التوبة: 18].
إخوة الإسلام: يقول يهودي حاقد يشهد بما بين يديه: "إنكم لن تستطيعوا إرجاع المسجد الأقصى، حتى تكونوا في صلاة الفجر مثل صلاة الجمعة" حتى تزدحموا في صلاة الفجر كما تزدحمون في صلاة الجمعة.
إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت عنده اليهود، فقال: إنهم لم يحسدونا على شيء كما حسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها، وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها، وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام: آمين.
وثالثة معاني اجتماعنا:
3- صلاة العيدين: نتملس فيها معاني تعظيم شعائر الله، ونظهر فيها تكبيرنا بإتمام فرائض الله.
عيد الفطر فرحة واحدة لكل مسلم على هذه الأرض بتمام فريضة الصيام بما فيها من عبادات جليلة، وحدت قلوب المسلمين: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة: 185].
وعيد الأضحى فرحة واحدة لكل مسلم على هذه الأرض بتمام فريضة الحج بما فيها من مناسك كريمة جمعت أجساد المسلمين: (لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) [الحـج: 37].
هذا هتافك في كل محفلٍ تجتمعين فيها يا أمتي: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا.
لا تعرفي الذل، ولا تستسلمي للكفر، بل تسلمي قيادك لله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إن فرحتنا بشعائر الله، واعتزازنا بمنهج الله هو طريقنا للقدس، وتحرير المقدسات: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: 3].
ورابعة هذه المنظومة الانتصارية:
4- صلاة الكسوف: خرج لها صلى الله عليه وسلم فزعًا، أطال لأجلها الصلاة، وأعلن فيها الخضوع، ألح فيها بالدعاء، وأكثر فيها من الركوع، خطب فيها خطبة بليغة ذرفت لأجلها الدموع، خوّف الأمة، ويجب ألا تخاف الأمة إلا من الله العزيز الحميد.
علمنا فيها درسًا يجب أن لا ننساه أبدًا أن أضيق أزمات الأمة أوجب ما نعتصم بالله القوي المجيد.
إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وصلوا، وتصدقوا.
يا أمة محمد: والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته.
يا أمة محمد: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا.
اللهم هل بلغت؟
فما بالنا اليوم مع عظيم أزماتنا، لم نوقن بعد أن عزنا في خوفنا من الله، وأن نصرنا في استسلامنا لأمر الله، وأن نجاتنا في الفرار إلى دين الله؟
وخامسة الستة:
5- صلاة الاستسقاء: في حكمة هذه الصلاة يقول أهل العلم والإيمان: إن ديننا الحنيف دعانا للاجتماع جميعًا، والتضرع إلى الله لنعلن حالة الاستنفار العام برفع أيدي الاستغفار للرحيم، والبراءة من المصرين على عصيان الكريم.
إنها دعوة لتوبة الأمة، فجميعنا يخرج بغير زينة منكسرة نفسه يجمعنا صعيد واحد، خرج الكبير والصغير والصالح والمسيء، والرجل والمرأة، والكل يضج إلى الله بالدعاء، ويصيح بين يدي الله بالرجاء، كم نحن بحاجة اليوم أن نستشعر أن الأمة لن تتنصر حتى تتوب، حتى تصلح ما بينها وبين الله، حتى تنفر وتتبرأ من العصيان والفسوق ومن الكافرين والظلمة.
هذا هو سبيل نصركم -يا أمة محمد-: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ) [هود: 113].
توبوا إلى الله واستغفروه، ولا تزكوا أنفسكم، فكلنا خطاء وخير الخطائين التوابون، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عظيم المنة، ناصر الدين بأهل التوحيد والسنة، أعز جنده يوم بدر والأحزاب وفي كل محنة، وصلاة وسلامًا على أكرم نبي لخير أمة، أخرجنا الله به من الظلمة، ومن علينا بدينه فأتم لنا النعمة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أيدنا الله وإياكم في يوم عظيم الكرب والغمة.
إن معاني اجتماع الأمة على تجسيد الأخوة الإسلامية، مع كل صلاة جماعة، وتوحيد الرؤى والتوجهات على الوحيين الخالدين، مع كل صلاة جمعة، وإظهار الفرح بشعائر الله، مع كل صلاة عيد، وتعظيم الخوف من بطش الله، مع كل صلاة نازلة، والفزع إلى التوبة والإنابة، مع كل استسقاء واستنصار، لهي دروس العزة في صلوات النصر.
وسادسة ستة:
6- صلاة الخوف: في ساعات النزال، وفي ساحات القتال، لا يمكن لمسلم يطلب النصر أن ينسى صلوات الجماعة.
لا تعجب أن صلاة الخوف إذا اصطفت الجيوش تغيرت هيئتها عن الصلاة التي تؤديها كل يوم.
لا تعجب أن وردت صلاة الخوف على هيئات، يتقدم صف، ويؤخر صف، وتتغير أركان وركعات، وطائفة تكبر مع الإمام وتحرس، وطائفة تكبر مع الإمام وتسجد ثم تتأخر لتحرس.
لا تعجب وأنت تتساءل: ولماذا لا تبقى الصلاة على هيئتها ويصلي بكل طائفة إمام؟
لا تعجب؛ لأن الجواب ألا تختلف الأمة خصوصًا في أحلك ساعات النزال خلف أكثر من إمام.
إن درس صلاة الخوف يقول لنا جميعًا يجب أن نتوحد وتتوحد قيادتنا على قائد واحد نبلغ معه عرش النصر وننهل وإياه من كأس الظفر.
إن توحد القيادة في أحلك ساعات الخوف هو الذي يجب أن يكون، ولن ينصرنا الله أبدًا إلا إذا ترك أهل البدع بدعهم، وأهل الإلحاد إلحادهم، وتوحدت قيادتنا على إمام واحد.
فلتعِ الأمة هذا الدرس، ولنقرأه في قوله الله تعالى: (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) [النساء: 102].
أيها الإخوة: قبل أن ننتصر لنتعلم كيف سننتصر؟
(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحـج: 40 – 41].
أيها السامع: "بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب".
فاخلصوا توجهاتكم لله، واسلموا قيادكم لله، واعتصموا بحبل الله، وأجيبوا على سؤال الله: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك: 20]؟
أجيبوا على سؤال الله: (مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ) [الشعراء: 93]؟
لا -والله-: (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) [يوسف: 21].
جاؤوا وقد كشروا الأنياب عن شَرَهٍ *** والحقد ينزف سمّاً كالثعابينِ
طعنت أمتنا غدراً فأوهنها *** غدر يعالجه ترياق صهيون ِ
ها قد رميت سلاحي في وجوهكم *** سهم الدعاء لعل السهم يرويني
فإنما الملك الديان قاهركم *** من يمنع اليوم دعوات المساكينِ؟
اللهم قد أطغاهم حلمك وتجبروا بأمانك، حتى تعدوا على المسلمين بغياً، اللهم قلّ الناصر، واعتز الظالم، وأنت المنصف الحاكم، بك نستعين، وإليك نهرب من أيديهم، اللهم إنَّا حاكمناهم إليك، وتوكلنا في إنصافنا منهم عليك، فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين.
الشيخ د. : طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري