الْخُطْبَةُ الْأُولَى:
إنَّ الحمدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ – صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ، لَا يَخْفَى عَلَى مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ أَعْظَمُ بَعْدَ التَّوْحِيدِ مِنَ الصَّلَاةِ؛ فَهِيَ قُرَّةُ عُيُونِ الْمُوَحِّدِينَ، وَلَذَّةُ أَرْوَاحِ الْمُحِبِّينَ، وَمُتْعَةُ نُفُوسِ الْخَاشِعِينَ وَلِذَا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا، مَعَ التَّنْبِيهِ إِلَى أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الطُّمَأْنِينَةَ وَالْخُشُوعَ، وَمِنْ أَرْكَانِهَا تَرْتِيبُ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ:
وَرُكْنُهَا الْأَوَّلُ: الْقِيَامُ مَعَ الْقُدْرَةِ؛ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْقِيَامَ فَيُصَلِّي عَلَى حَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ، فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ يَخْشَى زِيَادَةَ مَرَضِهِ، أَوْ تَأَخَّرَ بُرْؤُهُ مِنْ مَرَضِهِ؛ فَيُصَلِّي عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ.
أَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا.
وَرُكْنُ الصَّلَاةِ الثَّانِي: تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، فَلَا تَسْقُطُ سَهْوًا، وَلَا جَهْلًا، وَلَا عَمْدًا. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّكْبِيرُ وَالْمُصَلِّي قَائِمٌ؛ فَإِنْ كَبَّرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا مَعَ قُدْرَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الصَّلَاةِ وَيُعِيدُهَا، أَوْ يُحَوِّلُهَا نَفْلًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ النَّفْلِ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا الْقِيَامُ.
وَيُسَنُّ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْجَهْرُ بِالتَّكْبِيرِ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ حَتَّى يَقْتَدِيَ بِهِ الْمَأْمُومُ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقْتَرِنَ التَّكْبِيرُ بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَيَلْصِقَ أَصَابِعَهُ بَعْضَهَا بِجِوَارِ بَعْضٍ، وَيُحَاذِي بِهِمَا مِنْكَبَيْهِ؛ أَيْ كَتِفَيْهِ، أَوْ إِلَى أُذُنَيْهِ.
ثُمَّ يَضَعُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فَيَقْبِضُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى رُسْغِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَهُوَ مِفْصَلٌ مَا بَيْنَ الْكَفِّ وَالذِّرَاعِ.
وَلَهُ أَنْ يَضَعَ كَفَّ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِ يَدِهِ الْيُسْرَى أَوْ عَلَى السَّاعِدِ.
وَلَهُ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ، وَلَهُ أَنْ يَضَعَهَا تَحْتَ السُّرَّةِ.
وَالْأَفْضَلُ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَنْظُرَ فِي صَلَاتِهِ إِلَى مَكَانِ سُجُودِهِ.
ثُمَّ يَأْتِي بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ، وَهُوَ سُنَّةٌ وَيَقُولُهُ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ سِرًّا فِي الصَّلَوَاتِ السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ وَالنَّافِلَةِ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَلِّي دُعَاءَ الِاسْتِفْتَاحِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَلَا يلْزَمُهُ سُجُودُ سَهْوٍ.
وَيُسْتَحَبُّ بَعْدَ دُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَتَكُونَ الِاسْتِعَاذَةُ سِرًّا، وَيُكَرِّرَهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللهُ.
ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ الإمَامُ والْمُنْفَرِدُ والمأمُومُ فِي الصَّلَاة السِّرِّيَّةِ: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَالسُّنَّةُ أَلَّا يَجْهَرَ بِهَا.
وَالْبَسْمَلَةُ آيَةٌ فِي كِتَابِ اللهِ، وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَأْتِيَهَا.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُصَلِّي الَّذِي يَنْفَرِدُ فَيُصَلِّي بِنَفْسِهِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ- كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: “لَا صَلَاة لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ”.
وَأَمَّا حُكْمُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ عَلَى الْمَأْمُومِ؛ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ إِذَا كَانَ يَسْمَعُ الْإِمَامَ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
كَمَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَنْ يَقُولَ آمِينَ، وَيَشْرَعَ أَنْ يَقُولَهَا فِي السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ، فَيَجْهَرَ بِهَا فِي الْجَهْرِيَّةِ، وَيُسِرَّ بِهَا فِي السِّرِّيَّةِ.
وَالسُّنَّةُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُؤَمِّنَ مَعَ تَأْمِينَ الْإِمَامِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ.
وَيُسَنُّ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لِلْإِمَامِ وَلِلْمُنْفَرِدِ وَلِلْمَأْمُومِ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ أَنْ يَقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، فَيَجْهَرُ بِمَا يَجْهَرُ فِيهِ بِالْفَاتِحَةِ وَيُسِرُّ بِمَا يُسِرُّ بِهِ فِي الْفَاتِحَةِ.
وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ وَلِلْمُنْفَرِدِ أَنْ يَسْكُتَ سَكْتَةً يَسِيرَةً بَعْدَ انْتِهَاءِ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ بِقَدْرِ مَا يَرْجِعُ النَّفَسُ لِلْقَارِئِ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى حِذْوِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْكَعُ. وَهَذِهِ تُسَمَّى تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ، فَمَنْ تَرَكَهَا نَاسِيًا يَجْبُرُهَا بِسُجُودِ سَهْوٍ.
وَيَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِالِانْحِنَاءِ، وَيُنْهِيهِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ بِالرُّكُوعِ، أوِ السُّجُودِ، ولَوْ لَمْ يَسْتَطِعْ إكْمَالَهُ إِلَّا فِي وَضْعِ الرُّكُوعِ، أوِ السُّجُودِ؛ فَلَا بَأْسَ.
وَهُنَاكَ خَطَأٌ شَائِعٌ يَقَعُ فِيهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَالْمُنْفَرِدِينَ، فَبَعْضُهُمْ يُكَبِّرُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَبَعْدَمَا يَنْتَهِي مِنَ التَّكْبِيرِ يَرْكَعُ أَوْ يَسْجُدُ أَوْ يَرْفَعُ، وَبَعْضُهُمْ يُؤَخِّرُ التَّكْبِيرَ حَتَّى يَسْتَقِرَّ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَجَعَلَ التَّكْبِيرَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي حَرَكَةِ انْتِقَالِهِ، وَيَتَعَلَّلُ بِأَنَّهُ يَخْشَى أَنْ يَسْبِقَهُ الْمَأْمُومُ فَعَالَجَ الْخَطَأَ بِخَطَأ أَشْنَعَ مِنْهُ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبْطَلَ صَلَاةَ مَنْ فَعَلَ هَذَا لِأَنَّهُ وَضَعَ التَّكْبِيرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَكَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ وَهُوَ سَاجِدٌ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ لِلرُّكُوعِ، وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ تَرَكَهُ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، فَيَرْكَعُ ثُمَّ يَقْبِضُ عَلَى رُكْبَتِهِ مَعَ تَفْرِيجِ الْأَصَابِعِ، وَيَبْسُطُ ظَهْرَهُ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيسٍ وَيَضَعُ رَأْسَهُ مُوَازِيًا لِظَهْرِهِ مِنْ غَيْرِ خَفْضٍ وَلَا رَفْعٍ، هَذَا هُوَ الِاعْتِدَالُ فِي الرُّكُوعِ.
وَيَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي فِي رُكُوعِهِ أَنْ يَقُولَ: “سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ” (رَوَاهُ مُسْلِمٌ)، وَهُوَ وَاجِبٌ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَعَلَى الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ أَنْ يَقُولَ مَعَ الرَّفْعِ: “سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ” رَافِعًا يَدَيْهِ. أَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَقُولُ: “اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ” (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). وَلَوْ قَالَ الْمَأْمُومُ: “سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ”؛ فَلَا بَأْسَ فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ يَعْتَدِلُ فِي رُكُوعِهِ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَعُودَ فَقَرَاتُ عِظَامِ الظَّهْرِ الَّتِي تُسَمَّى خَرَزَاتِ الظَّهْرِ إِلَى مَكَانِهَا، هَذَا هُوَ الِاعْتِدَالُ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقْبِضَ يَدَيْهِ عِنْدَ اعْتِدَالِهِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، كَمَا فَعَلَ قَبْلَ الرُّكُوعِ بِوَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى.
ثُمَّ يَخِرُّ سَاجِدًا مَعَ التَّكْبِيرِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْيَدَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُنْهِيَ التَّكْبِيرَ قَبْلَ سُجُودِهِ، فَيَكُونُ التَّكْبِيرُ وَهُوَ نَازِلٌ.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يُقَدِّمَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ قَبْلَ السُّجُودِ، وَهَذَا مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرِ الصَّحَابَةِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ الْقَيِّمِ.
وَبَيَّنَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ- رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ إِنْ شَاءَ وَضَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَبَيَّنَ بِأَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ حَوْلَ أَيُّهُمَا الْأَفْضَلُ.
ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ: الْيَدَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْجَبْهَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ مَعًا.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ عُضْوًا مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ قَبْلَ إِمَامِهِ، فَإِنْ رَفَعَهُ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ. وَإِنْ رَفَعَ ثُمَّ رَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ يَدَهُ فَرَكْعَتُهُ بَاطِلَةٌ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا.
وَمِنْ هُنَا نُنَبِّهُ بَعْضَ الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ قَدْ يُزْعِجُهُمْ صَوْتُ الْجَوَّالِ فَيَرْفَعُ أَحَدُهُمْ يَدَهُ وَهُوَ سَاجِدٌ لِإِغْلَاقِهِ، ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يُعِيدَهَا إِلَى السُّجُودِ يَرْفَعُ الْإِمَامُ فَهَذَا بَطَلَتْ رَكْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ رَفَعَ قَبْلَ إِمَامِهِ؛ فَعَلَيْهِ الْحَذَرُ، وَأَنْ يُؤَجِّلَ إِغْلَاقَ الْجَوَّالِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَإِذَ نَسِيَ فَيَنْتَظِرُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ.
وَعَلَيْهِ أَثْنَاءَ سُجُودِهِ أَنْ يُجَافِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَنْبَيْهِ بِأَنْ يُبَاعِدَ بَيْنَهُمَا.
وَيَضَعُ يَدَيْهِ بِمُسْتَوَى كَتِفَيْهِ أَوْ حِذْوِ مَنْكِبَيْهِ، وَأَنْ يُبَاعِدَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَبَطْنِهِ وَيُبَاعِدَ بَيْنَ الْيَدَيْنِ وَالْجَنْبَيْنِ. وَعَلَيْهِ أَلَّا يَفْتَرِشَ الذِّرَاعَيْنِ بَلْ يَرْفَعُهُمَا.
كَمَا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَجْعَلَ أَصَابِعَ قَدَمَيْهِ أَثْنَاءَ السُّجُودِ مُتَّجِهَةً إِلَى الْقِبْلَةِ، وَلَهُ أَنْ يَلْصِقَ الْقَدَمَيْنِ أَوْ يُبَاعِدَ بَيْنَهُمَا وَالْأَمْرُ فِيهِ وَاسِعٌ.
وَيَجِبُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ سَاجِدٌ عَلَى الْأَقَلِّ مَرَّةً وَاحِدَةً: “سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى” (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ مِنْ سُجُودِهِ، وَالرَّفْعُ مِنَ السُّجُودِ رُكْنٌ، ثُمَّ يَعْتَدِلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ رُكْنٌ آخَرُ، وَأَنْ يَفْتَرِشَ الرِّجْلَ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ الْيُمْنَى.
وَأَنْ تَتَوَجَّهَ أَصَابِعُ الْقَدَمِ الْمَنْصُوبَةِ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيَضَعَ ذِرَاعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَذِرَاعَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذَهِ الْيُسْرَى وَيَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ.
كَمَا أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ إِطَالَةَ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَيَدْعُو فَيَقُولُ: “رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي” (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ). وَيَقُولُ: “رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي” (رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ). وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ “وَعَافِنِي”.
ثُمَّ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ رُكْنٌ. وَيَفْعَلُ فِيهَا كَمَا فَعَلَ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى.
ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَهُمَا، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ جَمَاهِيرِ أَهْلِ العِلْمِ وَالْأَمْرُ فِيهِ سَعَةٌ إِنِ اعْتَمَدَ عَلَى يَدَيْهِ أَمْ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى.
ثُمَّ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَاجِبٌ فَإِذَا تَرَكَهُ سَاهِيًا جَبَرَهُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، وَيَضَعُ ذِرَاعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَدَهُ عَلَى رُكْبَتِهِ، وَكَذَلِكَ فِي الْيُسْرَى.
وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَقْبِضَ الْأُصْبُعَ الصَّغِيرَ وَالَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ إِصْبعُهِ الْأَوْسَطِ مَعَ الْإِبْهَامِ عَلَى شَكْلِ حَلَقَةٍ، وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ.
وَلَهُ أَنْ يَقْبِضَ جَمِيعَ الْأَصَابِعِ بِدُونِ أَنْ يُحَلِّقَ وَيُشِيرَ بِالسَّبَّابَةِ، وَلَهُ أَنْ يَحْنِيَهَا حَنْيًا خَفِيفًا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُنَوِّعَ بَيْنَهَا مَعَ الْإِشَارَةِ، وَلَهُ أَنْ يُحَرِّكَ تَحْرِيكًا خَفِيفًا لَكِنْ مِنْ دُونِ خَفْضٍ أَوْ رَفْعٍ.
وَيَقُولُ فِي تَشَهُّدِهِ الذِّكْرَ الْمَأْثُورَ “التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ”، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ مَشْرُوعَةٌ أَمْ لَا.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يُخَفِّفَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ.
ثُمَّ يَقُومُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ وَمِنَ السُّنَّةِ أَنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ.
ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئًا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَاِسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.
أمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.
ثُمَّ يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ وَهُوَ رُكْنٌ، وَالسُّنَّةُ فِيهِ التَّوَرُّكُ؛ وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْصِبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَيُفْضِيَ بِمِقْعَدَتِهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَيُخْرِجَ الْيُسْرَى مِنَ الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ، وَهُوَ مَشْرُوعٌ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ.
وَمِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُحَرِّكَ أُصْبُعَهُ كَمَا فَعَلَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ.
وَيَقُولُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ التَّحِيَّاتُ كَمَا فَعَلَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَلَكِنْ تَزِيدُ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَهُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَدَّهَا وَاجِبَةً وَبَعْضَهُمْ رُكْنًا وَبَعْضَهُمْ سُنَّةً.
ثُمَّ بَعْدَ التَّشَهُّدِ يَجِبُ أَنْ يَسْتَعِيذَ فَيَقُولَ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ”.
ثُمَّ بَعْدَ الِاسْتِعَاذَةِ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: “اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ” (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ). وَهَذَا الدُّعَاءُ قِيلَ إِنَّهُ يُقَالُ بَعْدَ السَّلَامِ.
ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ قَائِلًا: “السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ” حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ، وَالسُّنَّةُ أَلَّا يُمَدَّ فِي السَّلَامِ، وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى رُكْنُ، وَاخْتُلِفَ فِي الثَّانِيَةِ؛ فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا رُكْنٌ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَالْبَعْضُ يَرَاهَا سُنَّةً، وَالْأَحْوَطُ الْقَوْلُ بِالرُّكْنِيَّةِ. اللَّهُمَّ فَقِّهْنَا فِي الدِّينِ.
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.
اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ..
الشيخ د. : صالح بن مقبل العصيمي