الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].
معاشر المؤمنين: إن المتأمل في أحوال بعض المصلين يجد جملة من الأخطاء، سواء كانت في الوضوء للصلاة، أو قبل الصلاة، أو في أثنائها، أو بعدها، وموضوع مثل هذا لا تكفيه خطبة ولا خطبتان، وسنتعرض لطرح بعض من أهم هذه الأخطاء، والواجب على المؤمن أن يتعرف على هذه الأخطاء ليتجنبها، لكي تكون صلاته صحيحة، يرضاها الله -تعالى-.
سنبدأ أولاً ببعض أخطاء الوضوء؛ فمنها: ظن الكثير أنه إذا نسي التسمية في الوضوء فعليه أن يعيده، والصحيح أن من نسِيَ التَّسمِية، فوضوؤُه صحيح، فإن تذكرَها في أثناء الوضوء سمَّى، وليْس عليْه أن يُعيد الوضوء.
ومن الأخطاء في الوضوء: الوضوء أكثر من ثلاث مرات؛ جاء في الحديث أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- توضَّأ ثلاثًا، ثمَّ قال: "هذا الوضوء، فمَن زاد على هذا، فقد أساء وظلَم".
وقال الإمام ابنُ المبارك -رحمه الله-: "لا آمَنُ على مَن زاد على الثَّلاث أن يأثم".
ويقول الحسن البصري -رحمه الله-: "إنَّ شيطانًا يضحك بالنَّاس في الوضوء يقال له: الولهان".
ومن الأخطاء في الوضوء: الغفلة عن غسل الأعقاب، قال صلى الله عليه وسلم: "ويل للأعقاب من النار" مرتين أو ثلاثا[أخرجه البخاري ومسلم].
قال الإمام النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: "ويل للأعقاب من النار" فتوعدها بالنار لعدم طهارتها، ولو كان المسح كافيا لما توعد من ترك غسل عقبيه، وبكل أسف فإن كثيرا من المصلين يتهاونون في هذا الأمر، مع أنه لا يصح الوضوء إلا به".
ومن الأخطاء في الوضوء: تكرار المسح على الرأس؛ كما أجمع على ذلك أكثر أهل العلم بأنه لا يسن تثليث مسح الرأس والسنة أن يكون مسح الرأس مرة واحدة ولا يشرع تكرار مسحها؛ لأنه بالتكرار يصير غسلاً، والمأمور به المسح، ولأن المسح مبني على التخفيف والتكرار لا تخفيف معه.
ومن أخطاء الوضوء أيضاً: عدم تخليل الأصابع، وهذا أمر يغفل عنه الكثيرون، وهو من إسباغ الوضوء وتمامه، قال الجمهور: يُسن في الوضوء تخليل أصابع اليدين والرجلين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع"[رواه أحمد والترمذي صحيح الجامع].
وهناك أخطاء تقع قبل الصلاة، أو في أثنائها، أو بعدها؛ فمنها: تشبيك الأصابع، وتلك المخالفة يقع فيها الكثير من المصلين سواء كان ذلك في طريقهم إلى المسجد، أو في انتظارهم الصلاة في المسجد ولقد نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا" وشبك بين أصابعه[رواه الحاكم، صحيح الجامع].
ومن الأخطاء: أن بعض المصلين -هداهم الله- يسرعون في الخُطى عند الذهاب إلى المسجد، لا سيما إذا كان الإمام قبيل الركوع، أو ركع فيزيد في السرعة، ومنهم من ينطلق جرياً ليلحق الركعة مع الإمام.
وهذا الإسراع -أيها الإخوة-: خطأ، بل هو منهي عنه؛ فعن أبي هريرة -رضي الله تعال عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم بالسكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"[رواه البخاري ومسلم].
ومن الأخطاء أيضاً: التنفل عند إقامة الصلاة، فبعض المصلين، يكبر ليتنفل، فبعد التكبيرة مباشرة، تقام الصلاة، ويستمر في تنفله وتفوته تكبيرة الإحرام، وربما فاتته الركعة الأولى بكاملها، وهذا اجتهاد خاطئ منه، كان الأولى في حقه أن يقطع النافلة، ويدخل الصلاة مع إمامه من البداية؛ فعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".
والمقصود: إذا أقيمت الصلاة بعد أن كبر للتنفل مباشرة، وما زال واقفاً، فعليه أن يقطع النافلة.
أما من أقيمت الصلاة، وهو قد ركع، فعليه أن يكمل تنفله.
ومن المخالفات التي نعاني منها كثيراً: عدم تسوية الصف كما ينبغي، والبعض -هداهم الله- يتساهل في سد الفرج التي تكون بين المصلين، عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم"[أخرجه البخاري].
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من وصل صفاً وصله لله، ومن قطع صفاً قطعه الله"[رواه النسائي والحاكم].
ومن الأخطاء: عدم الطمأنينة في الصلاة، وهذا من الأخطاء التي تبطل الصلاة، وتجعلها لا نفع فيها، فلا يطمئن في ركوعها ولا سجودها، ولا جلوسها، بل ينقرها نقراً، ولا يذكر الله فيها إلا قليلاً.
والطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا بها، وهل يرضيك -أخي المصلي-: أن يصرف الله نظره عنك وأنت تصلي؟
ففي مسند الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ينظر الله إلى عبد لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده".
ومن الأخطاء: الجلوس في الصلاة مع القدرة على القيام، فهناك من يصلي الصلاة من أولها لآخرها وهو جالس لمرض أو غيره.
وهذا الأمر له ضوابط شرعية: فمن استطاع القيام حتى ولو كان عاجز عن الركوع والسجود لا يسقط عنه القيام، فيجب عليه القيام، ثم يومئ للركوع، ويجلس ويسجد إيماءً؛ لأن القيام ركن من أركان الصلاة، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلي قاعداً وهو يستطيع الوقوف.
ومن الأخطاء أيضاً، بل هو من المخالفات الفاحشة: مسابقة الإمام، بل لقد ورد النهي الشديد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لمن يسبق إمامه كأن يرفع رأسه قبله، أو يركع أو يسجد قبله؛ روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار".
وهي عقوبة يستحقها من يفعل هذا، حتى ذكر بعض أهل العلم أنه لا صلاة لمن فعل ذلك.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه المخالفة من أخطر المخالفات.
ويتبع هذا الخطاء من يتأخر عن الإمام، فتجد الإمام قد شرع في قراءة الفاتحة، وهو ساجد، ويظن أنه متشهد، ويتبع أيضاً موافقة الإمام في القيام والقعود أو الركوع والسجود.
والسنة المشروعة متابعة الإمام، فإنما جعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا استوى الإمام راكعاً تركع، وإذا استوى ساجداً تسجد، لا تسبقه ولا توافق ولا تتأخر عنه، بل تابعه، قال البراء بن عازب -رضي الله عنه-:"كنا خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان إذا انحط من قيامه للسجود لا يحني أحدٌ منا ظهره حتى يضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبهته على الأرض"[متفق عليه].
ومن المخالفات والأخطاء التي تبطل الصلاة، وهي منتشرة بين الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالله: قيام المسبوق؛ أي الذي فاته شيء من الصلاة فيقف لقضاء ما فاته قبل تسليم الإمام التسليمة الثانية؛ فما إن يسلم الإمام التسليمة الأولى وقبل أن يتمها بادر الناس بالقيام لقضاء ما فاتهم قبل أن يكمل الإمام السلام؛ روى البخاري في صحيحه قوله عليه الصلاة والسلام: "وإنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا…" إلى آخر الحديث المعروف.
وفي حديث آخر عند الإمام مسلم: "أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالقعود ولا بالانصراف".
قال النووي: "والمراد بالانصراف السلام".
وقال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: "ومن سبقه الإمام بشيء من الصلاة فلا يقوم لقضاء ما عليه إلا بعد فراغ الإمام من التسليمتين".
ومن الأخطاء: أن البعض يدخل المسجد والإمام ساجد أو ما بين السجدتين ونحوها، فيبقى واقفاً ينتظر الأمام حتى يقوم والسنة الدخول معه في أي هيئة وحالة يكون فيها الإمام.
وجاء في بعض الأحاديث: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا".
ومن الأخطاء: ترك رفع اليدين في مواضع الرفع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند الرفع من التشهد الأول حذو المنكب أو الأذن.
ومنهم من يرفع اليدين بعد الركوع مثل هيئة الدعاء، والصواب أن ترفع حذو المنكب أو الأذن.
وأيضاً من الأخطاء: عدم السجود على الأعضاء السبعة، وعدم تمكين الجبهة والأنف في السجود. وكثرة العبث والحركة داخل الصلاة.
ومن الأخطاء: قراءة القرآن في السجود والركوع؛ ففي صحيح مسلم وغيره منِ حديث ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما- قَالَ: "كَشَفَ رَسُولُ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: "أَيّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعاً أَوْ سَاجِداً، وَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ -عز وجل-، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِـَنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ".
ومن الأخطاء: رفع الصوت بالحديث أو بالأدعية والقرآن سواء ذلك ما بين الأذان والإقامة أو في الصلاة فذلك مما يؤذي بقية المصلين، قال صلى الله عليه وسلم: "ألا إن كلَّكم مناجٍ ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة"[رواه أحمد وأبو داود].
ومن الأخطاء: الصلاة منفرداً خلف الصفوف دون عذر؛ رواه الإمام أحمد عن علي بن شيبان -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف، فلما انصرف قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف"[حديث حسن].
وفي حديث وابصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد صلاته [رواه أبو داود والترمذي].
ومن الأخطاء: سرعة الخروج من المسجد بعد تسليم الإمام من الصلاة، والمرور بين يدي المصلين، والتدافع على الأبواب دون الإتيان بالأذكار المشروعة بعد الصلاة.
وفي هذا تفويت لخير كثير؛ فقد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "معقبات لا يخيب قائلهن: ثلاثٌ وثلاثون تسبيحةً، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، في دبر كل صلاة مكتوبة"[رواه مسلم وأحمد].
فلماذا العجلة يا من تستعجل الخروج؟ ألهذا الحد كانت الصلاة ثقيلة، ودقيقتين لذكر عليك عسيرة؟ لماذا تفوُّت عليك الأجر من أجل دنيا فانية؟.
اللهم إنا نسألك الفقه في الدين، والبصيرة والمعرفة في أحكامه وحكمه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
عباد الله: لنا وقفة مع بعض الأخطاء التي تخص صلاة الجمعة، والتي تقع من بعض المصلين؛ فأول هذه الأخطاء: ترك الاغتسال يوم الجمعة، فبعض المصلين يتهاون في هذا الأمر، ولا يعطي أهمية خاصة ليوم الجمعة، يقول عليه الصلاة والسلام: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم".
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل".
ومن الأخطاء: عدم استحضار بعض الناس للنية في إتيان الجمعة، فتراه يذهب إلى المسجد على سبيل العادة لا العبادة، مع أن النية شرط لصحة الجمعة وغيرها من العبادات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات".
ومن الأخطاء: عدم التبكير قبل دخول الإمام، بل ربما تأخر بعضهم حتى تقام الصلاة، وهذا لا شك من الحرمان الكبير؛ لأن من أعظم مقاصد الجمعة هو الاستماع إلى الخطبة من أولها، ولذا فقد حث الرسول -صلى الله عليه وسلم- على التبكير، فقال: "من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ودنا من الإمام فأنصت كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها"[رواه أحمد وابن خزيمة].
وقال رسول الله: "والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر".
ومن الأخطاء: أن بعض المصلين يأتي مبكرا إلا أنه لا يوفق للقرب من الإمام، فيجلس في مؤخرة المسجد قبل امتلاء الصفوف الأمامية، مع أن السنة هو القرب ما أمكن؛ فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رأى في أصحابه تأخرا، فقال لهم: "تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله -عز وجل-"[أخرجه مسلم].
ومن الأخطاء: أن بعض الناس إذا دخل المسجد الجامع صلاة الجمعة، ووجد المؤذن يؤذن الآذان الثاني، وقف ينتظر ويتابع الآذان، حتى إذا كمل المؤذن شرع في تحية المسجد، وهذا بفعله ذلك، قد حرص على تحصـيل السنة، لكنه فرط في استكمال الواجب، وهذا خطأ، والصواب هو أن يبدأ بتحية المسجد ليتفرغ لسماع الخطبة؛ لأن متابعة المؤذن سنة واستماع الخطبة واجب والواجب مقدم على السنة.
ومن الأخطاء: خطاء قد يقع فيه الكثير من العامة وهو دخول مصلي مع الإمام وقد رفع من ركوع الركعة الثانية، أو في جلوسه للتشهد، وبعد أن يسلم الإمام يقوم هذا المصلي، ويأتي بركعتين، ثم يسلم على أنها جمعة.
وهذا من الخطاء، فإن من أدرك ركعة من صلاة الجمعة مع الإمام أتمها جمعة، أي يضيف إليها ركعة أخرى، وإن من أدرك أقل من ركعة كأن يدخل مع الإمام بعد أن يرفع الإمام رأسه من الركعة الثانية فإنه يتمها ظهراً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته".
ومن الأخطاء: رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة، وهذا لا يشرع إلا في حالة واحدة وهي إذا استسقاء الإمام في الخطبة ورفع يديه فالسنة الرفع.
ومن الأخطاء: الكلام أثناء الخطبة والانشغال عن الخطبة وعدم الإنصات إلى ما يقوله الخطيب.
عباد الله: وأخطاء المصلين كثيرة لا يمكن حصرها هنا، فهناك كتبٌ كثيرة وأشرطة يا حبذا لو يشتريها كل واحد منا ويعلِّم نفسه وأولاده صفة صلاة النبي، ويجتنب الأخطاء التي وقع فيها كثير من الناس جهلاً ومخالفة، عسى أن يكون من المفلحين الخاشعين الذين يتقبل الله عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون.
ألا فاتقوا الله -عباد الله-: وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، وارض اللهم عن البررة الأتقياء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلح له بطانته يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قولٍ وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك ألسنة ذاكرة صادقة، وقلوباً سليمة، وأخلاقاً مستقيمة برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يا حي يا قيوم نسألك أن تنفعنا بما علمتنا، وأن تعلمنا ما ينفعنا، وارزقنا علما نافعا خالصا لوجهك الكريم، وأصلح لنا أعمالنا وأقوالنا، وأحسن أخلاقنا وطهر قلوبنا يا رب العالمين.
اللهم وانصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، وثبتهم على كلمة الحق يا رب العالمين.
عباد الله: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل: 90].
فاذكروا الله الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
الشيخ : أحمد محمد مخترش