الخطبة الأولى:
الحمدُ لله مُجزِلِ العَطَايا مُسبِل النِّعَم، رافِع البَلايَا دَافِعِ النِّقمِ، يَعلَمُ الخَفَايا ومَا فِي الظُّلَمِ.
نَشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريك له الملِكُ العَلاَّمُ، وَنشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ خَيرُ الأَنَامِ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه، وعلى آله وأصحَابِهِ وَمَنْ سَارَ على نَهجِهِ على الدَّوامِ.
أمَّا بَعدُ:
فَيَا مُسلِمُونَ: اتَّقوا اللهَ -تَعالى- وَأطِيعُوا أمْرَهُ, فَنِعَمُ اللهِ علينا سَابِغَةٌ وآلاؤهُ بَالِغَةٌ، أَعْظَمُها نِعْمَةُ الإسلامِ والإيمانِ، حَقَّاً: (بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الحجرات: 17].
إخْوانِي: فَجْرُ الأَحَدِ المَاضِي فَجْرٌ مُمَيَّزٌ! نَعمْ مُمَيَّزٌ بِكُلِّ مَا تَحْمِلُهُ مِن مَعْنَى قَدْ تَستَغْرِبُونَ وَتَتَسَاءلونَ: ما الأمْرُ؟ ما الخَطْبُ؟
واللهِ لا أُخفِيكُمْ سِرَّاً: أنِّي وَبَعْدَ مَا انْصَرَفْتُ مِنْ صَلاتِي واسْتَدَرَتُ نَحْوَ المُصَلِّينَ, وَإذْ بِي أُشَاهِدُ أنَّ عَدَدَ المُصَلِّينَ قَدْ تَضَاعَفَ! واللهِ لَقَدْ فَرِحْتُ, وَقُلْتُ أَفْلَحَتِ الوُجُوهُ, وُجُوهٌ مَعْرُوفَةٌ وَمَأْلُوفَةٌ, وَلَكِنَّهَا اجتَمَعَتْ فِي فَجْرِ ذَلِكَ اليومِ السَّعِيدِ! فَبَارَكَ اللهُ بِدِرَاسَةٍ تَجْمَعُنَا, وَبِأَيَّامِ عَمَلٍ تَلُمُّ شَعَثَنَا, حَقَّاً بَرَكَاتُ العِلْمِ والعَمَلِ كَثِيرَةٌ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ اسْتَبْشَرْنَا أنْ كَانَتْ صَلاةُ فَجْرِ ذَلِكَ اليَومِ فَاتِحةً لِعَامٍ دِرَاسِيٍّ جَديدٍ وسَعيدٍ، فَدِيُنُ اللهِ يُربِّي أَهلَهُ أَنْ يَبدؤُوا يَومَهُم بالطَّاعةِ والإقبالِ على اللهِ.
أيُّها المُسلِمُ المُستَسلِمُ للهِ -تَعالى-: مَا مِن جَدِيدِ لِما سَأَذْكُرُه عن مَكانَةِ صَلاةِ الفَجرِ وفضْلِها، ولكِنَّها كَلِمَاتُ نُصْحٍ وتَذكيرٍ فَهَلاَّ فَتَحنا لَها قُلوبَنَا وأسمَاعَنا؛ وأيقَنَّا أنَّا نَحنُ المَقصُودُونَ لا غَيرُنا! لأنَّ صَلاةَ الفَجرِ مَعَ الأسَفِ قد ذُبِحت بالسَّكِينِ مِنْ قِبَلِ كَثيرٍ مِن المُصَلِّينَ!
أيُّها الأخُ الكريمُ: وحتى تَعرِفَ حجمَ المُشكِلَةِ قارِنْ بينَ عَدَدِ المُصَلِّينَ وَقْتَ الفَجْرِ وغَيرِهَا مِن الصَّلواتِ؟ سَتَرَى عَجَبًا, وَأَمْرَا مُرهِقَاً! عِلمَاً أنَّهُ الوَقْتُ المُؤَكَّدُ لِتَواجُدِ النَّاسِ في مَنَازِلِهم!
أَخي المُصَلِّي: مَا مِقدَارَ مَا فَاتَكَ من صَلاةِ الفَجرِ خِلالَ شَهْرٍ واحِدٍ؟ أَتَدْرِي احْسِبْ كَم يَومَاً صَلَّيتَ الفَجرَ كَامِلَةً مَعَ الجَمَاعَةِ خِلالَ شَهْرٍ واحِدٍ؟ ألَيستَ النَّتِيجَةُ مُحزِنَةً ومُخزِيَةً ومُخجِلَةً؟! أتَعلَمُ -أيُّها المُبارِكُ-: دَعْكَ مِنْ هذا كُلِّهِ واستَمِعْ إلى فَضْلِها وَمَكَانَتِها, عَلَّها تُنَشِّطُ هِمَّتَكَ, وتُحيي عَزِيمَتَكَ, وتَطْرُدُ عَنْكَ شَيطَانَكَ وَكَسَلَكَ, يقُولُ أصدَقُ القَائِلينَ: (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238].
ألا تَعلَم -أيُّها المُؤمِنُ-: أنَّ صَلاَةَ الفَجْرِ بِها مَجْمَعُ المَلائِكَةِ الكِرامِ وَمحفَلُ الخَيرِ والطَّاعَةِ؟ قالَ تعالى: (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) [الإسراء: 78] لَقَدْ خَصَّ: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) أي: صَلاةُ الفَجْرِ، لِفَضْلِ القِراءَةِ فِيها حَيثُ يَشْهَدُهَا اللهُ -تعالى-، ومَلائِكَةُ الَّليلِ والنَّهَارِ!
تَأمَّل -أخي المُباركُ-: حَدِيثَ أَبي هُريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وملائِكَةٌ بِالنَّهَار، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الصُّبْحِ وصلاةِ العصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكم، فيسْأَلُهُمُ اللَّه وهُو أَعْلمُ بهِمْ:كَيفَ تَرَكتمْ عِبادِي؟ فَيقُولُونَ: تَركنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتيناهُمْ وهُمْ يُصلُّون" [متفقٌ عليه] فَهلَ تَرْضَى بِهؤلاءِ بَدِيلاً؟!
عبادَ اللهِ: صَلاةُ الفَجْرِ نَشَاطٌ وَبَرَكَةٌ، وَتَرْكُ الفِرَاشِ ونَفْضُهُ انْتِصَارٌ على النَّفْسِ وعلى الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ! في الصَّحيحينِ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَعْقِدُ الشَّيْطانُ على قَافِيةِ رأسِ أحَدِكُم إذا هُوَ نَامَ ثَلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ على كُلِّ عُقْدَةٍ مَكانَها: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فارْقُدْ، فإنِ اسْتَيْقَظَ وَذَكَرَ اللَّه -تَعالى- انْحَلَّت عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوْضأ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّها، فَأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وإلاَّ أَصْبحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ".
ألا تَعْلَمُ أنَّ هَذا الخُبْثَ نَاشِئٌ عن الإعرَاضِ عن طَاعَةِ اللهِ؟ وعن انْفِرَادِ الشَّيطَانِ بِالمُتَخَلِّفِ عن صَلاةِ الصُّبْحِ مَعَ المُسلمينَ.
حُقَّ لِلشَّيطَانِ أنْ يَبُولَ في أُذُنيهِ وَيَجْثُمَ عليهِ! ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ: "ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ" أَوْ قَالَ: "فِي أُذُنِهِ" [مُتَّفَقٌ عَلَيهِ].
هَلْ تَعلَمُ -أيُّها المُوَفَّقُ-: أنَّ أَهلَ الفَجْرِ فِي ذِمَّةِ اللهِ وحِفظِهِ وَرِعايَتِهِ وَجِوَارِهِ؟! قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ صَلَّى الصُّبْحَ فهُوَ في ذِمَّةِ اللَّهِ، فَانْظُرْ يَا ابنَ آدَمَ لاَ يَطْلُبنَّكَ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ".
عبادَ اللهِ: صَلاةُ الفَجْرِ بَرَكَةٌ لِعُمُرِكَ فَأَبْشِرْ بِدُعاءِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي في بُكُورِهَا" [رواه التِّرمِذِيِّ].
وأبشِر كَذَلِكَ بالنُّورِ التَّامِ لَكَ يَومَ القِيامَةِ، فَهَا هُو نَبِيُّ الرَّحمَةِ يَقُولُ: "بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
يا مُسلِمُونَ: صَلاةُ الفَجْرِ مِنْ مَفَاتِيحِ الجَنَّةِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها" يعْني الفَجْرَ والعَصْرَ [رواهُ مُسلِمٌ].
فَأَينَكُم -يا شَبَابَ المُسلِمينَ-, ويا رِجَالَ الأَعمَالِ والمُوظَّفِينَ أَينَكُمْ يا أَصحَابَ المَحَلاَّتِ والعَامِلينَ: أَينَكُمْ مِن هذا النُّورِ العَظِيمِ والصِّراطِ المُستَقِيمِ؟!
فَيا عَبدَ اللهِ: واللهِ إنَّ واحِدَةً مِن هَذِهِ الفَضَائِلِ لَكَافِيَةٌ بِأَنْ تَستَيقِظَ وتَنفُضَ عَنْكَ فِرَاشَ الكَسلِ! فَكَيفَ إذَا أَسمَعْتُكَ فَضَائِلَ أُخرَى؟! وَنِعَماً عُظْمى؟!
أسألُ المَولى أنْ يَجْعَلَنا مِمَّن يَستَمِعُ القَولَ فَيَتَّبِعُ أحسَنَهُ, وأنْ يَجعَلَ عِلمَنا حُجَّةً لَنا لا علينا, وأستغفرُ اللهَ لي ولكم, مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فاستغفِرُوه وتُوبوا إليه، إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ غَافِرِ الزَّلاتِ، مُقيلِ العَثَرَاتِ: (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) [الشورى: 25].
نَشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، رَبُّ الأرضِ والسَّمواتِ, ونَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورَسُولُه، شَهادةً نَرجو بِها النَّجاةَ، اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ عليهِ, وعلى آلِهِ وَأصحابِهِ ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يومِ المَمَاتِ.
أمَّا بعدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ: مِن إِرَادَةِ اللهِ بِعَبدِهِ الخَيرَ: أَن يَرزُقَهُ قَلبًا حَيًّا سَلِيمًا، يَألَفُ الحَسَنَةَ فَيَدفَعُهُ إِلى فِعلِهَا، وَيَأنَفُ مِنَ السَّيِّئَةِ فَيَكُفُّهُ عَن اقتِرَافِهَا، قَالَ أَحَدُ السَّلَفِ: "إِذَا رَأَيتَ الرَّجُلَ يَعمَلُ الحَسَنَةَ فَاعلَمْ أَنَّ لها عِندَهُ أَخَوَاتٍ، وَإِذَا رَأَيتَهُ يَعمَلُ السَّيِّئَةَ فَاعلَمْ أَنَّ لها عِندَهُ أَخَوَاتٍ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ تَدُلُّ عَلَى أُختِهَا، وَإِنَّ السَّيِّئَةَ تَدُلُّ عَلَى أُختِهَا".
نَقُولُ هَذَا الكَلام: وَنَحنُ نَرَى قُصُورًا في شَعِيرَةٍ عَظِيمةٍ, وَعِبَادَةٍ جَلِيلَةٍ، هِيَ جُزءٌ مِن صَّلَوَاتٍ مُتَكَامِلَةِ البُنيَانِ، لا تَنفَكُّ صَلاةٌ عَنْ أُختِهَا، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "خَمسُ صَلَوَاتٍ افتَرَضَهُنَّ اللهُ -تَعالى" نعم إنَّها خَمسُ صَلَوَاتٍ, فَلِمَ صارت عندَ بَعضِنا ثَلاثَاً أو أربعاً؟! "خَمسُ صَلَوَاتٍ افتَرَضَهُنَّ اللهُ -تَعالى-، مَن أَحسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاَّهُنَّ لِوَقتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ أَن يَغفِرَ لَهُ، وَمَن لم يَفعَلْ فَلَيسَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ".
بَلْ إنَّ رَسُولَنا الأعظَمُ -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ التَّخَلُّفَ عَن الفَجْرِ علامَةٌ من النِّفاقِ؛ عَنْ أُبَي بْنِ كَعْبٍ قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلاَةَ الصُّبْحِ، فَتَفَقَّدَ رِجَالاً فَقَالَ: "أَشَهِدَ فُلاَنٌ" قِيلَ: لاَ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ يَعْنِى صَلاَةَ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ مِنْ أَثْقَلِ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا".
أيُّها المُؤمِنُونَ: صلاةُ الفجْرِ لا يَستَحِقُّ حُضُورَها إلاَّ الأَبْرارُ الأَخْيَارُ فَكُنْ أَنْتَ مِنهُم, عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَجْرَ كُتِبَتْ صَلاتُهُ يَوْمَئِذٍ فِي صَلاةِ الأَبْرَارِ، وَكُتِبَ فِي وَفْدِ الرَّحْمَنِ".
اللهُ أكبرُ -عبادَ اللهِ-: ليستْ هذهِ فَحَسْبٌ! بَلْ إنَّ صَلاةَ الفَجْرِ تَعدِلُ قِيامَ الَّليلِ كُلِّهُ؟! فَعَنْ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ".
هنيئِاً لَكُم -يا أهلَ الفجْرِ-: فَأَنتُم مَنْ سَيَرى رَبَّهُ يومَ القِيامَةِ لا غَيرُكُم! فَما أَعظَمَها مِن نِعمَةٍ, وَمَا أَسعَدَهَا مِن لَحظَةٍ! فَعَن جَريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَلِيِّ قَالَ: "كُنَّا عِندَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَنَظَرَ إِلى القَمرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَقَالَ: "إِنَّكُم سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَروْنَ هَذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لا تُغْلبُوا عَلى صلاةٍ قَبْل طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْل غُرُوبها فافْعلُوا" ثُمَّ قَرَأَ: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) [طه: 130] [متفق عليه].
هنيئِاً لَكُم -يا أهلَ الفجْرِ-: فَنُفُوسُكُم مُنشَرِحَةٌ, وَوُجُوهُكم مُسْفِرَةٌ, ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ, زَادَكُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وثَبَّتَكُم على صِراطِهِ المُستقيمِ.
جَعَلَنا الله جَمِيعَاً من المُتعاونينَ على البِرِّ والتَّقوى, وَفَّقَنَا اللهُ جَمِيعَاً لِمَرَاضِيهِ، وَجَعَلَ مُستَقبَلَ حَالِنَا خَيرَاً مِن مَاضِيهِ.
اللهمَّ أقِرَّ عُيونَنا وأَسعِدْ قُلوبَنَا, بِصلاحِ شَبَابِنَا وَفَتَيَاتِنَا، اللهمَّ اجعلنا وذُرِّيَاتِنَا مُقيمِي الصَّلاةِ على الوجهِ الذي يُرضيكَ عنَّا، رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعَاءَ.
(ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 147].
اللهمَّ اغْفِر لِلمؤمِنينَ والمُؤمنَاتِ والمُسلِمينَ والمُسلمَاتِ الأحيَاءِ مِنهم والأَمواتِ, واغفر لنا ولوالدينا وذَرَارِينا.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].
الشيخ : خالد القرعاوي