ملخص الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث بعنوان:
حديث أبي أمامة: "من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت"
مقدم من الطالب:
إسماعيل محمود محمد ربابعة
لفضيلة الأستاذ الدكتور:
زياد عواد أبو حماد
استكمالاً لمتطلبات مادة النقد في الحديث
الفصل الدراسي الأول
2009م-2010م
المقـدمة
الحمد لله الذي قدم من شاء بفضله،وأخر من شاء بعدله لا يعترض عليه ذو عقل بعقله ولا يسأله مخلوق عن علة فعله وأصل وأسلم على سيد الخلق محمدصلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين وبعد،
فإن من نعم الله على هذه الأمة أن أنزل عليها أعظم كتاب وشرفها بأعظم رسول وأعظم دين، فالله أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يوفقنا للقول النافع والعمل الصالح وللذب عن سنة حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن الصلاة تتكرر يوميا خمس مرات ومن السنة أن يتبع المرء المسلم الصلاة بذكر الله تعالى،فكان لزاما أن يعرف المرء المسلم ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذكر في ذلك.
وهذا الحديث مما يتوارده الناس وقد سمعت من بعض العلماء الكلام عليه فأحببت أن أرد الحق إلى نصابه بإذن الله تعالى وأن أكشف عن مخارجه وطرقه.
وكان عملي في هذا البحث أني قمت بتخريج الحديث من مظانه ورسمت شجرة الإسناد حتى أعرف مدار الحديث على من، وترجمت لرواة السند الذين يلتقي بهم الحديث ثم عرجت إلى تحرير القول في الراوي المختلف فيه،ذاكرا كل من جرحه ووثقه ثم ذكرت أقوال العلماء في تصحيح وتوثيق الحديث مع ذكر أدلتهم،وذكرت أيضا من ضعف الحديث ورده مع ذكر الأدلة.
ثم ختمت البحث بشواهد للحديث وحكمت عليها.
وخلصت إلى أن الحديث يستأنس ويعمل به لتوثيق العلماء للراوي الذي عليه مدار الحديث، والله تعالى أعلم.
فإن كان ما كتبت صوابا فمن الله وحده، وإن كان خطأً فمني والشيطان.
فضل آية الكرسي
قال الإمام النسائي: أخبرنا الحسين بن بشر بطرسوس كتبنا عنه قال حدثنا محمد بن حمير قال حدثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت[1]
جميعهم من طريق محمد بن حمير عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعاً ولذا سنركز على ما اجتمعت عليه طرق الإسناد،وسأترجم لهؤلاء الرواة
رجال السند:
1- محمد بن حِمْيَرَ بن أنيس القضاعي السليمي أبو عبد الحميد،روى عن محمد بن زياد الألهاني ومحمد بن الوليد الزبيري،روى عنه هارون بن داود النجار ونعيم بن حماد وقد وثقه ابن معين ودحيم وقال أبو حاتم: لا يحتج به فيه كلام وقال ابن حجر: صدوق ت 200هـ في حمص وسأذكر بشيئ من التوسع عنه ممن ضعفه وممن قواه.[2]
2- محمد بن زياد الألهاني أبو سفيان الحمصي روى عن أبي امامة صدي بن عجلان الباهلي، وعبد الله بن بسر المازني، وروى عنه محمد بن حمير،ومحمد بن حرب الحولاني،وثقه ابن معين والترمذي والنسائي وأحمد وأبو داود [3]
3- صدي بن عجلان بن وهب أبو أمامة الباهلي، صحابي مشهور أشهر من يعرف عاش في حمص روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورى عنه محمد بن زياد الألهاني ولقمان بن عامر[4]
أقوال العلماء في الراوي الذي عليه المدار:
وفي هذا المبحث جمعت فيه جل أقوال العلماء في محمد بن حمير جرحاً وتعديلاً ومن الذين جرحوه:
أبو حاتم قال: يكتب حديثه ولا يحتج به ومحمد بن حرب وبقية أحب إلي.
وقال الفسوي: ليس بالقوي.
وقال الذهبي بعد إيراد هذه العبارة قلت: له غرائب وأفراد.
وقال ابن جوزي: قال يعقوب بن سفيان: ليس بالقوي [5]
وأما من وثقه:
قال ابن معين ودحيم: ثقة وقال النسائي: ليس به بأس.
وقال الدار قطني: لا بأس به.
وقال أحمد حين سئل عنه: ما علمت به إلا خيراً.
وقال ابن قانع: صالح،وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال ابن حجر: صدوق [6].
والذي يترجح لي أن الرجل صالح صدوق ويكفيه شهادة ابن معين وهو متشدد في حكمه.
وفي هذا المبحث سأذكر العلماء الذين نظروا في الحديث وصححوه:
1- الحافظ المنذري كما في الترغيب والترهيب قال: رواه النسائي والطبراني بأسانيد: أحدها صحيح قال شيخنا أبو الحسن المقدسي: هو حديث على شرط البخاري [7]
2- الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله: قال في المحرر: لم يصب من ذكره في الموضوعات، فإنه حديث صحيح[8]
3- الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله كما في نتائج الأفكار فقد تكلم في طعن يعقوب في محمد بن حمير فقال: هو جرح غير مفسر في حق من وثقه ابن معين وأخرج له البخاري وحسن الحديث[9]
4- العلامة ابن القيم رحمه الله كما في زاد المعاد صحح الحديث وقال ان البخاري احتج به في صحيحه وأضاف ان الحديث على رسمه وقال عن محمد بن حمير: وثقه أشد الناس في الرجال ابن معين[10]
5- وقال الهيثمي رحمه الله كما في المجمع قال رواه الطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد وأحدها جيد[11]
6- السيوطي كما في اللآلىء قال: والحديث صحيح على شرطه[12]
7- الدمياطي كما في المتجر الرابح قال: وإسناده على شرط الصحيح[13]
8- الضياء المقدسي كما نقل عنه الشوكاني في الفوائد.
9- الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني كما في السلسلة الصحيحة[14]
10- سليم بن عيد الهلالي كما في تحقيقه لصحيح الوابل الصيب (197)[15]
11- أبوإسحاق الحويني قال عنه:حسن بشواهده[16]
أدلة العلماء الذين صححوا الحديث:
1- أن الحديث على شرط الإمام البخاري رحمه الله وإن الراوي محمد بن حمير قد أخرج له البخاري في موضعين من الصحيح مما يدل على أنه محتج به.
2- ثانيا: أن بقية رجال الحديث من الثقات، وان الراوي محمد بن حمير السليحي وهو الذي عليه مدار الحديث لم يتفرد الحديث وإنما تابعه غيره كما قال الحافظ الذهبي وهم: هارون بن داود النجار الطرسوسي، ومحمد بن العلاء بن زبريق الحمصي وغيرهم.[17]
3- ثالثا: أن الكلام في محمد بن حمير ليس في مكانه من حيث الجرح حيث قال الحافظ رحمه الله في نتائج الأفكار عند طعن يعقوب وأبو حاتم فيه: وهو جرح غير مفسر في حق من وثقه ابن معين وأخرج له البخاري وحسن الحديث[18]
4- إن للحديث من الشواهد ما يصححه ومنها:
ما أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق مكي بن ابراهيم ثنا هاشم بن هاشم عن عمر بن إبراهيم عن محمد بن كعب عن المغيرة بن شعبة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، ما بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت، فإذا مات دخل الجنة)[19]. ومنها ما أخرجه الحاكم والبيهقي كما في اللآلئ من حديث علي[20]
وللحديث شواهد أخرى لم يذكرها من ذهب إلى تصحيح الحديث وسوف نتكلم عنها في موضعها ونحكم عليها إن شاء الله.
5- خامسا: أن الحديث لم يعله أحد من أهل العلم، وأن ذكر الإمام النسائي له وسكوته عنه دلالة على تصحيحه له.
6- أن تفرد الصدوق بالحديث يقبل إذا دلت قرينة على ضبطه وتفرد محمد بن حمير من هذا،وله شواهد من طرق سنذكرها بإذنه تعالى.
أما أقوال العلماء الذين ضعفوا الحديث ولم يرو أنه حسن أو صحيح فهم:
1- الإمام الدارقطني رحمه الله كما أورد ذلك الإمام ابن الجوزي في الموضوعات قال: (قال الدارقطني:غريب من حديث الألهاني عن أبي أمامه تفرد به محمد بن حمير عنه.قال يعقوب بن سفيان: ليس بالقوي)[21]
2- الإمام ابن الجوزي فقد أورد الحديث في الموضوعات مع أن ايراده له والحكم عليه بالوضع فيه نوع مجازفةٍ منه رحمه الله قال ابن حجر رحمه الله: قد غفل ابن الجوزي في إيراده في الموضوعات وهو من سمج ما وقع له[22]
3- الحافظ الذهبي رحمه الله حيث قال في ترجمة محمد بن حمير في الميزان له غرائب وأفراد تفرد عن الألها، وعدَّ هذا الحديث من أفراده[23].
4- أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال في الفتاوى: روي في قراءة آية الكرسي عقيب الصلاة حديث لكنه ضعيف، ولهذا لم يروه أحد من أهل الكتب المعتمد عليها، فلا يمكن أن يثبت به حكم شرعي، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفاؤه يجهرون بعد الصلاة بقراءة آية الكرسي ولا غيرها[24]
5- العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي اليماني في تحقيقه للفوائد المجموعة للشوكاني مدار الحديث على محمد بن حمير، رواه عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة، وابن حمير موثق غمزه أبو حاتم ويعقوب بن سفيان وأخرج له البخاري في الصحيح حديثين قد ثبتا من طريق غيره، وهما من روايته عن غير الألهاني فزعم أن الحديث على شرط البخاري غفل[25]
أدلة من ضعف الحديث من أهل العلم:
1- قولهم أن الحديث على شرط الإمام البخاري رحمه الله وأن الراوي محمد بن حمير قد أخرج له البخاري في موضعين.
قلت: أما إخراجه له في موضعين من صحيحه فهذا كلام صحيح، فقد أخرج له البخاري وما أخرجه له إنما أخرجه استشهاداً لا احتجاجاً وينبغي أن يفرق في ما أخرجه الشيخان في الأصول وبين ما يخرجونه في الشواهد والمتابعات، وهذه الأحاديث هي:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَقَالَ دُحَيْمٌ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ فَغَلَفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا[26]
وهذا الحديث قد أخرجه الإمام البخاري رحمه الله من طريق غيره مما يدل على أنه غير محتج بهذا الراوي وأنه أخرج له متابعة وليس في الأصول، فقد قال رحمه الله:
وقال دحيم....
والثاني: حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَنْزٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ مَا عَلَى أَهْلِهَا لَوْ انْتَفَعُوا بِإِهَابِهَا[27]
قال الحافظ ابن حجر في الفتح عند الكلام عن الرواة المتكلم عليهم في الصحيح ومنهم محمد بن حمير: ( ليس في البخاري سوى حديثين: أحدهما عن ابراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وساج عن أنس في خضاب أبي بكر وذكر له متابعا، والآخر عن ثابت بن عجلان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بعنز ميتة..) ثم قال: وله أصل من حديث ابن عباس ) انتهى[28]
ولهذا الحديث أصل من غير طريق محمد بن حمير قال البخاري:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ وَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةً مَيِّتَةً أُعْطِيَتْهَا مَوْلَاةٌ لِمَيْمُونَةَ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلَّا انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا قَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ قَالَ إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا[29]
قلت: وقد علم من طريقة الإمامين البخاري ومسلم وغيرهما من أهل الحديث أن يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية لا للاحتجاج وأنهم ينتقون من أحاديث الراوي ما تابعه عليه غيره وثبت عندهم من وجه آخر.وأقول أيضاً إنهم ينتقون من أحاديث الرواة الضعفاء والثقات فباعهم طويل و انتقاؤهم دقيق وهنا أنبه على ما ذكره بعض أهل العلم من أن اعتماد البخاري ومسلم يكون على الإسناد الأول أقول هذا الكلام يحتاج إلى توثيق وخصوصا أن البخاري ومسلم لم يصرحوا بذلك، نعم الإمام مسلم قد يلتزم بذلك أحيانا، أما الإمام البخاري فلا وهذا ملاحظ لمن نظر في طريقة الإمامين[30]
الجواب عن الدليل الثاني:
قولهم: أن رجال الإسناد كلهم ثقات بالنظر في إسناد ابن السني الذي أخرجه في عمل اليوم والليلة.
124 - حدثنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي الحمصي، حدثنا اليمان بن سعيد، وأحمد بن هارون، جميعا بالمصيصة قالا: حدثنا محمد بن حمير، عن محمد بن زياد الألهاني، عن أبي أمامة الباهلي، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت))[31]
فالذين يروون الحديث عن محمد بن حمير هما راويان:
الأول: اليمان بن سعيد وهو محرف من (اليمان بن يزيد ) وهذه الفائدة ذكرها الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة وقال أن الإسناد ضعيف[32].
وهو الراوي عن محمد بن حميركما ذكر ذلك الحافظ في اللسان قال:
اليمان بن محمد عن محمد بن حمير الحمصي...أن الدارقطني قال في المؤتلف والمختلف مجهول وتبعه ابن ماكولا[33]
الثاني أحمد بن هارون المصيصي: ذكر عنه الحافظ الذهبي في الميزان قال: صاحب مناكير عن الثقات. قاله ابن عدي.[34]
3- وأما الكلام عن محمد بن حمير السليحي فهو الجواب عن الدليل الثالث، فإنهم قالوا إن الكلام فيه ليس في مكانه من حيث الجرح فيقال:
قال الإمام الذهبي رحمه الله في الميزان:
وثقة ابن معين، ودحيم، وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. بقية أحب إلي منه وقال الفسوي: ليس بالقوي.
قلت (الكلام للذهبي) له غرائب وأفراد. ومات سنة مائتين. وتفرد عن الألهاني، عن أبي أمامة – مرفوعاً من لزم آية الكرسي دبر كل صلاة لم يكن بينه وبين الجنة إلا أن يموت[35]
قلت: فالحافظ الذهبي رحمه الله قد عدَّ هذا الحديث من غرائبه وأفراده وأعله بالتفرد، و الإمام الدارقطني ذكر ابن الجوزي رحمه الله أنه يعل الحديث بالتفرد.
وأما قولهم (أن الراوي محمد حمير لم يتفرد بالحديث وإنما تابعه غيره وهم هارون بن داود النجار الطرسوسي ومحمد بن العلاء بن زبريق الحمصي وعلي بن صدقة
فالجواب عنه: أن هذا وهم ممن أورد هذه العبارة فالمتابعة لم تكن لمحمد بن حمير، ولكنها لمن روى عن محمد بن حمير وهو الحسين بن بشر الطرسوسي كما هو موضح في شجرة السند الآنفة الذكر،روى عنه النسائي في عمل اليوم والليلة حديث أبي أمامة في قراءة آية الكرسي عقب الصلاة وروى الحديث المذكور معه عن محمد بن حمير، هارون بن داود النجار الطرسوسي ومحمد بن ابراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي وعلي بن صدقة.
4- وأما قولهم (ان الحديث لم يعله أحد من أهل العلم، وأن ذكر النسائي للحديث وسكوته عنه دلاله على تصحيحه له.
فالجواب عنه: أن قولهم هذا معارض بتضعيف جمع من الأئمة مثل الدارقطني وغيره كما ذكرنا ذلك عند ذكر من ضعف الحديث، وأما ذكر النسائي للحديث وسكوته عنه فإنه ليس فيه دلاله على تصحيحه له، وعلى افتراض تصحيحه له.
شواهد الحديث:
1- ما أخرجه أبو نعيم في الحلية من طريق مكي بن ابراهيم ثنا هاشم بن هاشم عن عمر بن إبراهيم عن محمد بن كعب عن المغيرة بن شعبة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، مابينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت، فإذا مات دخل الجنة)[36].
قال الإمام أبو نعيم (هذا حديث غريب من حديث المغيرة تفرد به هاشم بن هاشم عن عمر عنه، ما كتبناه عاليا إلا من حديث مكي وعمر بن إبراهيم بن محمد بن الأسود ترجم له الحافظ الذهبي في الميزان والحافظ ابن حجر في اللسان (4/279).
قال عنه العقيلي: لا يتابع عليه.
وقال المعلمي اليماني: وهو مجهول وإنما ذكره ابن حبان في الثقات على عادته في ذكر المجاهيل وذكره العقيلي في الضعفاء.
فهو إسناد ضعيف جداً لجهالة عمر ابن إبراهيم.[37]
2- ومن الشواهد أيضاً:
ما أخرجه البيهقي في الشعب من طريق:
محمد الضوء بن الصلصال بن الدلهمس عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يكن بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن يموت، فإن مات دخل الجنة.[38]
وفي إسناده: محمد بن الضوء ترجم له الذهبي في الميزان وابن حجر في اللسان قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
وقال الخطيب: ليس بمحل أن يؤخذ عنه العلم، لأنه كذاب.
وقال الجوزقاني في الموضوعات: كذاب.[39]
3- ومن الشواهد أيضاً:
ما أخرجه الطبراني في الكبير وقال الهيثمي في المجمع: إسناده حسن.[40]
حدثنا ابراهيم بن هاشم البغوي ثنا كثير بن يحي ثنا حفص بن عمر الرقاشي ثنا عبدالله بن حسن بن حسن عن أبيه عن جده قال:
من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الأخرى.
وفي إسناده من لا يعرف وهو حفص بن عمر الرقاشي.
قال الألباني: جهالة حال حفص بن عمر الرقاشي وهو إسناد ضعيف عندي[41]
ومن الشواهد أيضاً:
ما أخرجه ابن عدي في الكامل وابن الجوزي في الموضوعات من حديث:
إسماعيل بن يحي بن عبيد الله التيمي، حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة خرقت سبع سماوات، فلم يلتئم خرقها حتى ينظر الله إلى قائلها فيغفر له، ثم يبعث الله عز وجل ملكاً فيكتب حسناته ويمحو سيئاته إلى الغد من تلك الساعة[42]
إسماعيل بن يحيى: قال صالح جزرة عنه: كان يضع الحديث. وقال الأزدي: ركن من أركان الكذب، لاتحل الرواية عنه[43]
الخاتـمة
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبي الرحمات وآله وصحبه إلى يوم الممات وبعد:
فقد خلصت في هذا البحث إلى أمور هي:
1- أن الحديث مداره على محمد بن حمير وقد وثقه ابن معين وكفى به توثيقا وأخرج له البخاري في صحيحه.
2- أن هنالك جمع من العلماء قد وثقوا الحديث منهم: الحافظ المنذري وابن حجر وابن القيم والسيوطي والألباني وأبو إسحاق الحويني.
3- الحديث له شواهد كثيرة وكلها ضعيفة
4- أنكر ابن تيمية قراءة آية الكرسي جهرا ًثم قال: وإذا قرأها لإمام في نفسه أو قرأها أحد المأمومين فهذا لا بأس به أن قراءتها عمل صالح وليس فيه تغيير لشعائر الإسلام،وكان ابن تيمية يقول: ما تركته بعد كل صلاة إلا نسيانا أو نحوه[44]
5- وأن الحديث ليس من أصول الأحكام، وأن الأمام النسائي لم يعله وهو إمام في العلل
6- مما يظهر أن جميع الشواهد ضعيفة وعليه إذا انضمت إلى بعضها ترتفع بالحديث إلى الحسن لغيره، والله أعلى وأعلم.
المـراجع:
1- التاريخ الكبير: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو عبدالله البخاري الجعفي الناشر: دار الفكر تحقيق: السيد هاشم الندوي
2- الترغيب والترهيب من الحديث الشريف: عبد العظيم بن عبد القوي المنذري أبو محمد: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى، 1417 تحقيق: إبراهيم شمس الدين
3- تفسير القرآن العظيم: أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي [ 700 -774 هـ ] المحقق: سامي بن محمد سلامة الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م
4- تقريب التهذيب: ابن حجر العسقلاني ت: محمد عوَّامة طبعة دار الرشيد بحلب الطبعة الأولى 1406هـ
5- تنزيه الشريعة المرفوعة: أبو الحسن على بن محمد بن العراق الكناني المحقق: عبد الله بن محمد بن الصديق الغماري دار الكتب العلمية الطبعة: الثانية 1981
6- تهذيب الكمال: يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الأولى، 1400 - 1980تحقيق: د. بشار عواد معروف
7- الثقات: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي: دار الفكر الطبعة الأولى، 1395 – 1975 تحقيق: السيد شرف الدين أحمد
8- جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب: للعلامة أبي حفص عمر الموصلي تحقيق الشيخ أبو إسحاق الحويني،دار الكتاب العربي،1987
9- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الرابعة، 1405
10- الدر المنثور: عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي: دار الفكر - بيروت، 1993
11- زاد المعاد في هدي خير العباد: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله: مؤسسة الرسالة - مكتبة المنار الإسلامية - بيروت – الكويت الطبعة الرابعة عشر، 1407 – 1986 تحقيق: شعيب الأرناؤوط - عبد القادر الأرناؤوط
12- السلسلة الصحيحة: محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف – الرياض
13- السلسلة الضعيفة: محمد ناصر الدين الألباني: مكتبة المعارف – الرياض
14- شعب الإيمان: أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة الأولى، 1410 تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول
15- صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل أبو عبدالله البخاري الجعفي دار ابن كثير، اليمامة – بيروت الطبعة الثالثة، 1407 – 1987 تحقيق: د. مصطفى ديب البغا
16- عمل اليوم والليلة: أحمد بن شعيب بن علي النسائي أبو عبد الرحمن مؤسسة الرسالة – بيروت الطبعة الثانية، 1406 تحقيق: د. فاروق حمادة
17- الفتاوى الكبرى: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس دار المعرفة - بيروت الطبعة الأولى، 1386 تحقيق: حسنين محمد مخلوف
18- فتح الباري شرح صحيح البخاري: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي دار المعرفة - بيروت، 1379
19- الفوائد المجموعة: الشوكاني، محمد بن على المحقق: عبد الرحمن المعلمي دار الكتب العلمية
20- الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة: حمد بن أحمد أبو عبدالله الذهبي الدمشقي الناشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية, مؤسسة علو – جدة الطبعة الأولى، 1413 – 1992
21- الكامل في ضعفاء الرجال: عبدالله بن عدي بن عبدالله بن محمد أبو أحمد الجرجاني: دار الفكر – بيروت الطبعة الثالثة، 1409 – 1988 تحقيق: يحيى مختار غزاوي
22- لسان الميزان: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت الطبعة الثالثة، 1406 – 1986 تحقيق: دائرة المعرف النظامية
23- المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح، للإمام عبد المؤمن الدمياطي، المكتبة الوقفية، (د،ط).
24- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي دار الفكر، بيروت - 1412 هـ
25- المعجم الأوسط، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، مكتبة العلوم والحكم - الموصل الطبعة الثانية، 1404 - 1983
26- المعجم الكبير، سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني، مكتبة العلوم والحكم – الموصل الطبعة الثانية، 1404 – 1983.
27- موسوعة أقوال الدارقطني جمع وترتيب: السيد أبو المعاطي النوري المتوفى سنة 1401 - 1981 الدكتور محمد مهدي المسلمي أشرف منصور عبد الرحمن أحمد عبد الرزاق عيد أيمن إبراهيم الزاملي ومحمود خليل
28- الوابل الصيب من الكلم الطيب: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الأولى، 1405 – 1985 تحقيق: محمد عبد الرحمن عوض.
[1] أخرجه النسائي في السنن الكبري باب ثواب من قرأ آية الكرسي 6/30(9928) ورواه الطبراني فيالكبير ( 8 /114 برقم 7548 ) وزاد (قل هو الله أحد) وأخرجه في الأوسط 8/93 ( برقم 8066 ) (8286)،وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: مجلد 9 ( 10/52 وقال رواها الطبراني بأسانيد أحدها حسن برقم 4654) وابن السني في عملاليوم والليلة 1/227 ( 124) والروياني في مسنده برقم2/311 ( 1268 ) والمقدسي في كتاب الدعاءبرقم 80 ) وذكره العراقي في تخريج الأحياء ( برقم 1106 ) وابن كثير في التفسير1/ 454والسيوطي في الدر المنثور (2/6-8) جميعهم من طريق محمد حمير عن محمد بنزياد الألهاني عن أبي أمامة مرفوعا... ).
[2] التاريخ الكبير: البخاري 1/68(159) والكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة: الإمام الذهبي 2/166 لسان الميزان: ابن حجر العسقلاني 3/240 والوافي بالوفيات: الصفدي 1/313 تقريب التهذيب: ابن حجر 475
[3] تهذيب الكمال : الامام المزي 22/219(5223) تقريب التهذيب : ابن حجر 479 (5889) لم أجد تاريخ وفاته
[4] تهذيب الكمال : الامام المزي 33/419(7212) تقريب التهذيب : ابن حجر 278 (923)
[5] تهذيب الكمال : الامام المزي 25/116(5170) وتهذيب التهذيب: ابن حجر 9/117 ميزان الاعتدال: الذهبي 3/53(7459)
[6] تهذيب الكمال: المزي 22/116(5170) تهذيب التهذيب: ابن حجر 9/117 موسوعة أقوال الدارقطني 426 من تكلم فيه وهو موثق أو صالح الحديث: الذهبي 1/307 والتقات لابن حبان : محمد البستي 7/441 تقريب التهذيب: ابن حجر 475
[7] الترغيب والترهيب 2/448
[8] المحرر ( ص53 )
[9] نتائج الأفكار (2/279)
[10] زاد المعاد 1/285
[11] مجمع الزوائد (8/114)
[12] اللآلي (1/230)
[13] المتجر الرابح (473)
[14] السلسلة الصحيحة (2/697
[15] الوابل الصيب 197
[16] جنة المرتاب : له 134
[17] الذهبي (2/331)
[18] نتائج الأفكار (2/279)
[19] الحلية ( 3/221)
[20] اللآلي (1/230)
[21] الموضوعات (1/244)
[22] الموضوعات (1/233) اللآلئ المصنوعة 1/210
[23] الميزان ( 3/532)
[24] الفتاوى: ( 22/508):
[25] -الفوائد المجموعة: للشوكاني (ص299)
[26] رواه البخاري في كتاب المناقب باب هجرة البي صلى الله عليه وسلم 3/1426 (3919)
[27] رواه البخاري في كتاب الذبائح والصيد باب جلود الميتة 5/2104(5532
[28] الفتحص438)
[29] رواه البخاري في كتاب الزكاة باب الصدقة على موالي رسول الله برقم (1452)
[30] فائدة من دروس الشيخ سعد بن عبد الله بن حميد
[31] عمل اليوم والليلة لابن السني - (ج 1 / ص 237)
[32] السلسلة الصحيحة (2/697
[33] اللسان ( 6/317)
[34] الذهبي في الميزان (1/162
[35] الميزان (3/532
[36] الحلية ( 3/221)
[37] الذهبي فيالميزان(3/179) لسان الميزان 4/279 السلسلة الصحيحة: الألباني 2/697 الضعفاء للعقيلي 2/145(1129) الفوائد للشوكاني 299
[38] الشعب (2/455) حديث رقم (2385
[39] الميزان (3/586) وابن حجر في اللسان (5/206) تاريخ بغداد 5/374 الموضوعات 125
[40] الهيثمي في مجمع الزوائد: مجلد 9 ( 10/52
[41] السلسلة الضعيفة والموضوعة " 11/ 229
[42] الكامل1/496 الموضوعات 1/243
[43] اللآلئ المصنوعة: السيوطي 1/211 تنزيه الشريعة المرفوعة - (ج 1 / ص 40)
[44] الفتاوى 22/508-510